أسدلت الدورة 44 من مهرجان مسرح البدوي بإفران ستارها بندوة فكرية وثقافية بقاعة المناظرات بمدينة إفران حول موضوع “الفنون ورهانات التنمية”، بمشاركة الأستاذ الجامعي عماد بلغيث والأستاذ والفاعل الجمعوي، الحسن إحجواني، والفنانة والمخرجة كريمة البدوي، وأدارها الصحافي والفنان المسرحي إبراهيم العماري.
في الندوة، تم التطرق إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الفنون في تحقيق التنمية الشاملة، حيث تناول الأستاذ بلغيث موضوع الفن كرافعة لتحقيق التنمية، سلط فيه الضوء على العلاقة الوطيدة بين الفن والثقافة، محاولا الجواب في مداخلته على سؤال حول كيفية تحول الفن إلى قاطرة للتنمية، وسبل تثمين التراث الفني، كما تطرق أيضا لأهمية الصناعة الثقافية في تحريك العجلة الاقتصادية، قبل أن يخلص إلى بعض التوصيات التي تخص تحسين الوضعية الاجتماعية للعاملين في الحقل الثقافي، وكذا العمل وفق متغيرات العصر، الذي أصبح يعتمد بالدرجة الأولى على الرقمنة.
من جانبه، خصص الاستاذ أحجواني مداخلته لموضوع “تثمين المكونات الثقافية الوطنية ضمان لعدالة تنموية”، حاول فيها الإحاطة بالدلالة اللغوية للفن ودوره في الرقي بالذوق، قبل أن يكون عاملا مساعدا في تحقيق التنمية الاقتصادية. واعتبر أحجواني، أن المكون الأمازيغي ضمان لتنمية وطنية شاملة، مطالبا في ذات السياق السلطات المعنية بالشأن الثقافي وفعاليات المجتمع المدني بتثمين المكونات الثقافية والرفع من قيمتها حتى تلعب دورها المطلوب، وتساهم في التنمية الوطنية الشاملة.
بدورها، ناقشت الأستاذة كريمة البدوي، المديرة الفنية لمهرجان مسرح البدوي بإيفران، موضوع “المسرح المغربي ورهانات التنمية، مسرح البدوي نموذجا”، حيث قامت بالنبش في تاريخ المسرح منذ العهد الإغريقي، ثم انتقلت إلى دور مسرح البدوي وسبقه في التأسيس للصناعة الفنية، حيث كان أول فرقة مستقلة تنتج مسرحية ضخمة مطلع الاستقلال، وتجوب بها ربوع الوطن، كما أنه أسس مجموعة من المهرجانات، أبرزها مهرجان إيفران، الذي يعد الأول على الصعيد الوطني المنظم من طرف فرقة مستقلة، وأسس أيضا للمسرح العمالي والمسرح المدرسي ومسرح الطالب، واشتغل بالموازاة على التكوين الأكاديمي، لما له من أهمية في هذا المجال، حيث أسس مركز تكوين الممثل، الذي لازال يتخرج منه أفواج من الممثلين حتى يومنا هذا.
وأكدت البدوي على الحاجة الملحة لصناعة فنية تحافظ على الهوية الوطنية وتصون الحضارة المغربية، داعية في الآن نفسه إلى الاهتمام بالمدرسة العمومية، وأن تبادر الوزارة إلى القيام بدورها في هذا الإطار حتى ترتقي الصناعة الفنية إلى المستوى المنشود.
وأجمعت أغلب التدخلات على ضرورة الاشتغال وفق منظور شامل، تلعب فيه المدرسة العمومية الدور الذي كانت تلعبه سابقا، وأن يتم الاعتناء بالفاعلين في الحقل الثقافي، ولاسيما على مستوى التراث الشعبي، الذي يمكنه أن يسوق للمنتوج الوطني، ويرفع حجم الإقبال السياحي، وهذا ينمي الدورة الاقتصادية.
وفي الختام تلت الأستاذة حسناء البدوي، رئيسة مهرجان مسرح البدوي بإيفران، كلمة اختتام المهرجان، أشارت فيها إلى صمود هذه الفرقة وإصرارها على استمرار هذا المهرجان، الذي رأى النور سنة 1972، آملة أن ينال ما يستحق من عناية واهتمام حتى يصبح وطنيا، ولم لا دوليا، خاصة وأن هناك بعض الفرق العربية و الغربية، قد عبرت غير ما مرة عن رغبتها في المشاركة، لكن الميزانية المرصودة لا تساعد على توسيع قاعدة المشاركين.
وعاشت مدينة إيفران خلال الفترة ما بين 24 و 28 يوليوز
2024 على إيقاع المسرح والثقافة، حيث اختارت إدارة المهرجان أن يكون افتتاح هذه الدورة استثنائيا، وكان بعرض مسرحية “نبيل ونبيلة” المخصصة للأطفال واليافعين.
وعجزت القاعة عن استقبال الأطفال، الذين توافدوا عليها من المخيمات الصيفية، وكذا من مدينتي إيفران وآزرو، وعاشوا على مدار ساعتين ونصف أجواء احتفالية، تخللتها لوحات وطنية، قدمها اطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة و اطفال مخيم المكتب الوطني للمطارات بمناسبة عيد العرش المجيد.
وكان حظ جمهور العموم، يومي 26 و27 يوليوز عرضين لمسرحية الزيارة، حيث قدمت لأول مرة برؤيتها الإخراجية الجديدة بهذا المهرجان، في انتظار أن تجوب بها الفرقة مدن المغرب في جولة مسرحية، تنطلق مع مستهل الموسم المسرحي المقبل.
وشمل هذا المهرجان أيضا تنظيم معرض فوتوغرافيوتوثيقي، بعنوان: “عبد القادر البدوي ..سيرة ومسيرة”، تضمن صور نادرة وملصقات تعود إلى بداية الاستقلال.
يذكر أن مسرحية “نبيل ونبيلة”، هي تأليف عميد المسرح المغربي، الراحل الأستاذ عبد القادر البدوي، وإخراج كريمة البدوي، فيما شخص أدوراها كل من زكرياء أشكور ورشيدة السعودي وعلاء الدين الحواص وإبراهيم العماري وعفاف أزطوطي و باسم داود و من تنشيط الفنانة حسناء البدوي و الفنانة أمينة املالي بالامازيغية.
أما مسرحية “الزيارة” دراماتورجيا الأستاذ عبد القادر البدوي، وإخراج كريمة البدوي، بينما شارك في أداء أدوارها كل من حسناء البدوي و زكرياء أشكور وإبراهيم العماري والبشيري بنرابح.