من غير المقبول أن يستفيد كبار المسؤولين في الدولة، من رئيس الحكومة إلى الوزراء والمديرين العامين، من نظام التغطية الصحية الإجبارية باشتراكات أقل و التي لا تناسب و حجم الأجور و التعويضات الكبيرة التي يتقاضونها في مفارقة عجيبة مع الموظفين والمستخدمين الذي لهم سلم 10 او 11 و الذين يؤدون نفس الاشتراكات التي يؤديه رئيس الحكومة و الوزراء و المدراء العامون للمؤسسات عمومية كبرى ، و أشخاص في مناصب عليا في عدة مؤسسات ، وحتى أقل من بعض المهنيين أوالأشخاص القادرين على الأداء و الذين ليسوا قادرين على الاداء وتم إجبار حالات كثيرة على الأداء للاستفادة من خدمات الصندوق الوطني لضمان الاجتماعي . هذا الوضع يثير تساؤلات حول العدالة الاجتماعية والمساواة في الحصول على الخدمات الصحية.
في الوقت الذي يدفع فيه الموظفون والمهنيون اشتراكات تأمين صحي تفوق ما يؤديه الوزراء، يتمتع هؤلاء المسؤولون بتسقيف اشتراكاتهم في 400 درهم، وهو مبلغ زهيد مقارنة مع دخولهم وامتيازاتهم. هذا التسقيف يشكل هدية غير مستحقة وامتيازا لا يتناسب مع الدور الاجتماعي للدولة ومع شعارات الحكومة حول الحماية الاجتماعية ، بما يجعل أعضاء الحكومة يستفيدون من حماية اجتماعية صحية نظير اشتراك زهيد .
عمدت الحكومة على تضيق شروط الاستفادة من التغطية الصحية الإجبارية على فئات عريضة من المجتمع خاصة من هم في طبقة هشة عبر إقرار مؤشرات مجحفة ومراقبة تعبئة الهواتف التي تجعل المؤشر يتغير بقدرة قادر ، و هذه الشروط لم تسقطها الحكومة على أعضاءها ولا على مدراء المؤسسات العمومية و غيرها ممن يتقاضون أجور كبيرة بالملايين .
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى تضييق حق الاستفادة من التغطية الصحية الإجبارية من خلال معايير وشروط إقصائية. هذه المعايير تحرم العديد من الفئات الهشة من التغطية الصحية، ككبار السن والأرامل والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم. هذه الفئات تجد نفسها خارج النظام الصحي، رغم حاجتها الماسة للتغطية والرعاية.
إن تسقيف اشتراكات المسؤولين في 400 درهم في القطاع العام ، في مقابل حرمان فئات واسعة من المجتمع من التغطية الصحية، يشكل اختلالا صارخا في نظام التغطية الصحية الإجبارية. هذا النظام الذي يجب أن يقوم على مبادئ العدالة والمساواة، أصبح يعكس فجوة عميقة بين من يملكون السلطة والنفوذ، وبين الفئات الأكثر هشاشة وتهميشا.
إن إلغاء شرط تسقيف الاشتراك في 400 درهم للوزراء ومدراء المؤسسات العمومية و أصحاب المناصب العليا ينبغي أن يكون
مبني على قيمة الأجر وليس تسقيف الاشتراك الذي يعد هدية غير مستحقة و الإبقاء عليها يضرب العدالة الصحية ، حيث كان من المفروض على لحكومة توسيع قاعدة المستفيدين من التغطية الصحية لتشمل الفئات الهشة و بإلغاء الشروط المجحفة المبنية على مؤشرات غابت عن تفصيلها على أعضاء الحكومة، وهذا مطلب ملح لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الحصول على الخدمات الصحية.