آخر الأخبار

أضف النص الخاص بالعنوان هنا

نورالدين قربال.. وحده استطاع أن يخلق الفارق بين ولاية “محافظة” وولاية ملتبسة

نورالدين قربال.. وحده استطاع أن يخلق الفارق بين ولاية “محافظة” وولاية ملتبسة

عبد اللطيف سرحان - الجديدة

العربي رياض

رجل قد نختلف معه أو نتفق حول خلفيته السياسية ، لكن على أرض الواقع يبقى نورالدين قربال نموذجا للفاعل السياسي الديناميكي ، المنفتح على الجميع مشرعا باب قلبه وعقله لاحتضان كل ما يصب في صالح الإنسان والبلاد ، رجل يعشق الثقافة يعشق النقاش يعشق الكتاب يعشق الإبداع عاشق لآفاق الابتهاج والتنوير ، مهووس بقضايا المجتمع وقضايا التراب .
تذكرت الرجل وأنا أتفحص برامج الرمضانيات التي تنظمها المقاطعات البيضاوية ، ووجدتها في المجمل أكثر انغلاقا من برامج رمضانيات الولاية الفارطة ، حينما كانت المقاطعات في أيادي حزب ذي مرجعية إسلامية ، برامج مملة مونوطونية لا ابتكار فيها ولا إبداع ، قشاشيب وطرابيش تتراقص هنا وهناك ورؤساء “مبندون” أخطأوا أماكن الخشوع الصوفي ورموا بجثتهم على كراسي المقدمة ، في جلسات شبه بلهاء ، يتفرجون على لبس لم يعرفوا فك شيفرته ، هل هم امام لون فني أم ذكر صوفي واختلطت في امزجتهم التصنيفات ، وكل عزائهم لتبرير الفرجة غير المصنفة اننا وجدنا الآخرين يقومون بهذا فسطرناه مثلهم ، والله المعين وكفى الله المومنين شر القتال ، أحزاب ليبرالية اليوم تحكم قبضتها على المدينة ، تعوم في برامج رمضانية تقود للأسفل ليس إلا ، ما يظهر ان الأحزاب الأربعة تفتقد لمشروع ثقافي وإبداعي ، فاتكلت على ما خلفه الآخرون في خجل فاضح .
نورالدين قربال وهنا المفارقة لوحده غرد بعيدا في الآفاق الرحبة ، وهو يقود مقاطعة الصخور السوداء ، فقد حولها إلى صالون ثقافي وفكري طيلة المدة التي مر منها من هناك فقد ظل مقرها وجهة للأساتذة الباحثين في شتى المجالات والعلوم ، وحضنا لأنشطة العمل الجمعوي الجاد ، وبلاطو مفتوحا لاستقبال الندوات والمناظرات ، بل هو كان يشارك في هذه النقاشات المطروحة في تلك الندوات والملتقيات ، إلى حد ما ظلت المقاطعة هي فجوة أهل المعرفة في هذه المدينة السوداء التي زادها تجار الإسمنت قتامة ، وهم يجلسون في بعض كراسي تدبيرها ، فعلا استطاع قربال بانخراطه في أوراش المعرفة بصفة عامة ، أن يعكس قيمة مقاطعته في مخيلتنا وان يؤكد الصورة التي نختزنها في أذهاننا عن هذه المنطقة ، الهادئة الحاضنة للطبقة المتوسطة والمتزاوجة مع منطقة الحي المحمدي الخلاقة ، خلال الرمضانيات كنت تجده لا ينسى الجوانب الأخرى لكن يصر على أن يحضر الفكر والتفكر والنقاش في شتى المجالات بدون تعصب وبدون شوفينية أو حسابات مراهقاتية متصابية ، رجل يقرأ بنهم وأعتقد ان هذا ما ساعده على تكوين تلك الشخصية الحاتمية العطاء والتفاعل ، المتسامحة اللبقة التي تنهل من وقار الكبار .
إن كان من توثيق لما قدمه رؤساء المقاطعات ، على الجميع ان يعلم بأن هذا الرجل هو من دشن لأول مهرجان للأغنية الغيوانية على صعيد الدارالبيضاء بشكل رسمي ، بدون مقدمات بدون كثير تفكير بدون اي نقاش عقيم ارتمى في تنظيمه لنه مقتنع في دواخله ، بأن هذه الأغنية هي من صميم هوية هذه المدينة ، فلامساومة ولا أرضية قبلية في ” بحر الغيوان ما دخلتو بلعاني ” .
في كل رمضان كنت أزور هذه المقاطعة للإطلاع على ما تجود به ساحتنا الثقافية ، لأجد المفاجآت منها الانفتاح على الثقافة الإفريقية وثقافات شعوب أخرى ومواضيع تهم قضايانا الوطنية ، لذلك هذا الرجل وحده استطاع أن يخلق الفارق بين ولاية “محافظة” وولاية لا تفهم على أي خليط رست قواعدها .


Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
Share on email

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *